قصة قصيرة مؤثرة: الفلاح والذئب والجميل الذي انقلب غدرًا

تمتلئ حياتنا بالكثير والكثير من القصص المؤثرة جدا لدرجة البكاء، ولكن ماذا إن كانت هذه القصة تشمل عدداً كبيراً من الناس. دعونا نتخيل سوياً عالمنا قد أجدب من الخير ونكران المعروف، كيف سيكون التعامل بيننا. قصة مؤثرة قصيرة بطلها هو الفلاح والذئب موضوعها عن المعروف المنسي، دعونا نتعرف عليها.

بداية القصة القصيرة والمؤثرة الفلاح ينقذ الذئب

في صباح يوم من الأيام خرج الفلاح من بيته مبكرا ليرى أرضه، وكان يحمل بيده عصا، وفوق ظهره كيسا. وعن طريق الصدفة وجد أمامه ذئب يجري ويلهث بقوة، فسقط أمام الفلاح وقال له: من فضلك أيها الفلاح أنقذني من الصيادين ولن تندم على ذلك أعدك.

أشفق الرجل على حال الذئب، فطلب منه أن يختبئ في كيسه هذا، وبعد قليل جاء إليه الصيادون وسألوه: هل مر من أمامك ذئب؟ قال الرجل: لا لم يمر أمامي أي شيء.

الذئب يرد معروف الفلاح بطريقته

بعد أن غاب الصيادون عن أعين الفلاح، قفز الذئب من الكيس وحاول افتراس الفلاح، فقال له الفلاح: أنت ذئب عديم المرؤة أنقذتك من الصيادين وأنت ترد إلى الجميل بقتلي!

اعترض الذئب على كلام الفلاح وقال له: لا أرى في ذلك عجباً! فمعروف الناس يُنْسَى بسرعة.

عارض الفلاح كلام الذئب وقال له: اسأل الآخرين عن إن كان معروف الناس يُنسى.

قال الذئب بنظرة ماكرة: أيها الفلاح لدي فكرة، قال الفلاح: ما هي فكرتك؟ 

قال الذئب: دعنا نكمل طريقنا وسنناقش موضوعنا مع أول من نقابله، إن كان رأيك صحيحاً تركتك لتعيش، وإن كان رأيي أنا هو الصحيح أكلتك، وافق الفلاح على كلام الذئب وسار معه.

قصة الثور مع المعروف الذي يُسدى

بينما هم في طريقهم وجدوا ثوراً عجوزا يجر أقدامه من كثرة التعب.

قال الفلاح: أيها الثور قل لنا رأيك، هل يمكن أن يُنسى المعروف أم لا!

قال الثور: لقد أفنيت عشر سنوات من عمري أخدم صاحبي، أجر له المحراث، وأدور الساقية. ولما ضعف بصري ربطني في حجر الطاحونة لطحن الحبوب، وحين كبرت وهرمت وسقطت على الأرض من التعب ضربني بعصاه الغليظة لأكمل العمل، ولما عرف أن لا فائدة من وجودي عنده سحبني من ذيلي ورماني في هذا الوادي، ولم أخرج منه إلا بصعوبة بالغة، ولولا رحمة ربي بي لكنت الآن في جوف بطون السباع والكلاب، والآن أيها السائل هل تظن أن المعروف لا يُنسى.

فرح الذئب ونظر إلى الفلاح وقال له: هل صدقت أيها الفلاح أن المعروف يُنسى بسرعة!

قال الفلاح: دعنا نمشي قليلا ونسأل غيره.

قصة الكلب المؤثرة مع المعروف الذي يُسدى

أكمل الذئب والفلاح طريقهما إلى أن وجدا كلبا عجوزا يجر قدم له مكسورة. قال الفلاح للكلب: يا أقرب الأصدقاء إلى البشر قل لي رأيك هل يمكن لمعروف الآخرين الذين يقدمونه إلينا أن يُنسى أو لا؟

رد الكلب بوجه حزين: لقد عشت برفقة صاحبي عمراً يبلغ خمسة عشر عاماً، كنت أنا من يحرس له بيته، ولطالما نبحت على اللصوص وحاولت عض كل من يقترب من ممتلكاته. بينما كان صاحبي ينام في سبات ونبات كنت أنا أسهر للحراثة، وبقينا على هذا الحال حتى كبرت في السن وضعفت، وفي يوم من الأيام خرجت معه لحراسة قطيع الأغنام، فهجمت عليهم مجموعة من الذئاب فطاردتهم بعيداً حتى سقطت في حفرة وكسرة قدمي.

فبدلا من أن يعالجني، رماني ورفض أن ينفق على علاجي درهما واحدًا، وفي اليوم نفسه اشترى كلباً أصغر مني وأقوى، وقد ضاقت على الأرض ولا أعرف مكاناً أذهب إليه، فجلست بقرب مزرعته.

ولما رآني صاحبي صاح بغضب، فهززت له ذيلي عله يتذكر بعضاً من معروفي، فأحضر عصا غليظة وأوسعني بها ضرباً، ولم يتركني إلا وأنا أجر جسدي كله على الأرض. والآن كما تراني أزحف على بطني على غير عادة الكلاب، وقد نال مني الجوع ولا أقوى على المشي، ولكن على عزة نفسي سأتحمل وأتحمل حتى أذهب لمكان لا أرى فيه وجه صاحبي للأبد، لا خوفا منه بل اشمئزازا من رد المعروف إلى.

أخذ الفلاح يتأمل في كلمات الكلب بحزن عميق، لما وصلت إليه قلوب بني آدم، فكيف يتخلى عمن يخدمه ويعطيه قوته وشبابه، وكيف ينسى معروفه عندما تنتهي فائدته.

قال الذئب للفلاح: والآن أظنك قد اقتنعت بكلامي بعد أن سمعت كلام ذلك الكلب المسكين؟ ولم يبق أمامك أي حجة.

قال الفلاح: دعنا نسأل الشخص الثالث، وهذا آخر من نسأله وسأرضى بحكمه.

الثعلب الذي أنقذ الفلاح - وكيف أسدي له الفلاح المعروف؟

أكمل الفلاح والذئب طريقمها، الفلاح يفكر فيما سمع من رد للمعروف، بينما الذئب يفكر في مذاق الفلاح. وفي الطريق وجدا الثعلب يهز ذيله، نادي الذئب على الثعلب وكان يعرف أن الثعالب ذكية جدا وتكره الفلاحين، فقال له: أيها الثعلب هل يُنسى المعروف الذي يُسدي إلينا أو لا يُنسى؟

قال الثعلب: ولماذا تسأل مثل هذا السؤال؟

رد عليه الفلاح: لقد خرجت من بيت في الصباح الباكر، فوجدت هذا الذئب تطارده الصيادون وقد أنهكه التعب، فتوسل إلى ان أنقذه منهم، فطلبت منه أن يدخل إلى ذلك الكيس فدخل، وعندما ذهب الصيادون حاول أكلي! هل تظن أن هذا الفعل المناسب ليسدي إلى معروفي.

قال الثعلب في دهشة: يا هذا لا تمزح معي كيف لذئب كبير أن يختبئ داخل هذا الكيس الصغير؟ هذا الأمر لا يصدقه عقل.

قال الفلاح: يمكنك أن تسأله أنت إن لم تكن تصدقني!

الذئب: نعم، هذا الكلام صحيح فلقد كنت مختبأ بالفعل داخل هذا الكيس.

قال الثعلب: لن أصدق هذا إلا إذا كررته مجددا أمام عيني! هيا ادخل إلى هناك من جديد وأثبت لي صدق كلامك.

أدخل الذئب رأسه داخل الكيس، فهز الثعلب رأسه قائلا له: وهل فعلت ذلك عندما طاردك الصيادون؟ هيا ادخل بجسدك كله يا رجل حتى أصدقك.

وعندما دخل الذئب بكامل جسده داخل الكيس، طلب الثعلب من الفلاح أن يربطه بإحكام، فجأ الفلاح بحبل متين ولفه على الكيس. ثم قال الثعلب: يا فلاح هل تعرف كيف تدق القمح بالعصى، أسرع الفلاح بفرح وأحضر عصا غليظة، وأخذ يضرب الكيس حتى توقف الذئب عن الحركة.

بعد ذلك نظر الفلاح إلى الثعلب وقال له: يا ثعلب هل تعلم كيف يدق القمح بالعصا؟ ثم وجه إليه ضربة قوية أفقدته توازنه.

الندم لا يفيد من أنكر المعروف

وقف الفلاح وقد ملاء وجهه الذهول لفعلته، الدنيا أصبحت مظلمة في وجهه، وبات يردد كلمة الذئب: "المعروف الذي يُسدي سرعان ما يُنسى، وكيف لنا أن نذكر المعروف في عالم تملأه الخيانة". 

عاد الفلاح إلى بيته حزينا تملأ وجهه الحسرة، وفي الطريق بينما يمشي في وسط المروج الخضراء الجميلة، تذكر كل ما حدث معه ثم قال لنفسه: هل يصبح العالم يوما بلا مرؤة وفعل الخير، وهل ينسي الناس أسداد المعروف إلى الآخرين.

خاتمة لهذه القصة القصيرة المؤثرة

تذكر الرجل ربه،  وأستجمع ما تبقى له من قوة، وعزم الخير في قلبه، ثم قال: لا يجب علينا أن نترك العالم يخلوا من عمل الخير، ويجب علينا الاستمرار في تقديم الخير وإسداء المعروف إلى الآخرين ولا ننتظر الشكر أو الجزاء، حتى وإن نسوه الناس.

بالرغم من وجود الكثير من ناكري المعروف، فهناك الكثير من أصحاب القلوب البيضاء الذين لا ينسوا المعروف الذي قُدم إليهم. نهض الفلاح من مكانه، بعزيمة متجددة، وأكمل طريقه وهو يردد هذه الكلمات: لا بد للخير أن يستمر، ولو نسي البعض المعروف المُسدي إليهم، فالله لا يضيع أجر المحسنين.

عمرو عكاشه
عمرو عكاشه
تعليقات