قصة عيشة قنديشة المرعبة من الأساطير المغربية

عيشة قنديشة هي من أكثر الشخصيات العربية شهرةً في التراث المغربي. قصة قديمة تدور حولها العديد من الحكايات والأساطير المرعبة، إلى درجة يصعب معرفة أين تكمن قصتها الحقيقية. هل هي جنية أم إنسية أم ساحرة؟ هذا ما سنكتشفه اليوم في قصة عيشة قنديشة المرعبة.

الصور عيشة قنديشة

أسطورة عيشة قنديشة المخيفة: قصة قديمة مازالت موجودة!

لعيشة قنديشة أسماء وألقاب عديدة. تختلف باختلاف المنطقة أو الإقليم، بمعنى أن لكل منطقة مغربية اسماً أو لقب مختلف لعيشة قنديشة.

من الأسماء المشهورة لها، على سبيل المثال: عيشة، عيشة الكناوية، عيشة السودانية، عيشة مولات المرجة، سيدة المستنقعات، وأشهر أسمائها وألقابها هو عيشة قنديشة. أما الأمر الأكثر رعبًا فهو أنه يقال إنك لو نطقت اسمها أو حكيت لأي أحد عن قصتها ستحل عليك لعنتها.

وكما أن أسماء وألقاب عيشة قنديشة المرعبة كثيرة ومتنوعة، فالقصص والحكايات والروايات التي تدور حولها كثيرة ومتنوعة.

قصة عيشة قنديشة مع المتزوجين

الأسطورة الأولى تقول: إذا كنت متزوجًا، فستكون أكثر عرضة للعنة عيشة قنديشة.

بحسب التراث المغربي، تتخذ عيشة قنديشة شكل عجوز شمطاء أو ساحرة حاسدة وحقودة. تكره أن ترى أي زوجين لا توجد بينهما مشاكل. بمعنى لو رأت رجلاً وامرأة متفقين أو يحبان بعضهما جدًا، فإنها ستظل تحوم حولهم حتى تفرق بينهم.

إذا ذهبت في زيارة للمغرب وصادفت سيدة عجوز أو امرأة عجوز تحاول أن تفرق بينك وبين زوجتك، إياك أن تسمع كلامها، لأنها لن تتركك أنت وزوجتك إلا بعد أن تنفصلا، أو قد توصلك في نهاية الأمر إلى أن تقتل زوجتك. ولا تنسَ أيضًا وأنت ماشيًا أن تحمل في جيبك قداحة. أنا أعرف أنك لا تدخن، ولكنني سأخبرك بالسبب لاحقًا.

عيشة قنديشة تصطاد الرجال

الأسطورة الثانية تقول: عيشة قنديشة امرأة حسناء وجميلة جدًا.

لا يوجد رجل في الدنيا مهما كان، يستطيع أن يقاوم جمالها أو يقاوم فتنتها. لدرجة أن الرجال يخضعون لجمالها، ولا يلاحظون شيئًا مهمًا فيها. برغم جمالها الفاتن، إلا أن رجليها مختلفتان تمامًا عن جمالها.

بحسب الأسطورة، رجلاها عبارة عن حوافر. نعم، حوافر مثل حوافر الجمل أو الماعز أو البغال. وبسبب رجليها التي تشبه حوافر الحيوانات، أضيف لها اسماً جديداً، وهو "بُغلة الكبور" أو "بُغلة الروضة".

وكل الرجال الذين استسلموا لها، ستستدرجهم إلى وكرها تقتلهم. وتتغذى على لحومهم ودماء أجسادهم.

عيشة قنديشة فتاة باهرة الجمال

وهناك أسطورة ثالثة تقول إن عيشة قنديشة فتاة جميلة جدًا، ورجلاها طبيعيتان، أي ليس لديها أرجل كالمعيز ولا حوافر حيوانات ولا أي شيء من هذا القبيل. تتفق هذه الأسطورة مع الأساطير التي ذكرتها قبل ذلك. بأن عيشة قنديشة تغوي الرجال، تقتلهم وتشرب دماءهم. هذه أساطير شعبية يرددها الأجداد.

لكن، هل شخصية عيشة قنديشة موجودة فعلًا في التاريخ أم أنها مجرد قصة قديمة من اختراع الأجداد المغاربة؟

حقيقة عائشة قنديشة

هيا بنا نبحث في التاريخ عن أسطورة عيشة قنديشة! درس باحث فنلندي تاريخ هذه الشخصية المرعبة. بعد بحثه في أصل شخصية عيشة قنديشة، وجد أن أصلها متعلق بمعتقدات عبودية قديمة.

يقول مارك: إن هناك ارتباطًا غريبًا بين عشتار وعيشة قنديشة. عشتار هي إلهة الحب عند شعوب البحر الأبيض المتوسط القديمة. وكانت الشعوب قديمًا تقيم طقوسًا مقدسة تكريمًا لـعشتار.

لكن بعد ذلك، أجرى العديد من العلماء في المغرب بحوثًا. وتعددت الروايات التي تثبت وجود شخصية باسم عائشة قنديشة في التاريخ المغربي. تقول الرواية الأولى أن عيشة قنديشة هي الأميرة أو الكونتيسة عيشة المورسكية.

وهي في الأصل من عائلة نبيلة، وطُردت عائلتها من الأندلس، التي هي إسبانيا حاليًا. حققت عائشة المورسكية مجدًا كبيرًا لنفسها بسبب محاربتها للاحتلال البرتغالي وقتل جنوده. لكن قبل أن أخبركم عن السبب قتل الجنود البرتغاليين لها، يجب أن تعرفوا أولًا ما معنى كلمة مورسكية. معنى مورسكية، أو المورسكيون، هم المسلمون الذين فضلوا البقاء في الأندلس بعد سيطرة الصليبيين عليها.

ووفقًا للكتب التاريخية، رُحِّل المورسكيون كلهم الذين رفضوا الدخول في الدين المسيحي إلى قارة أفريقيا. حدث هذا في القرن الخامس عشر. وهذا يجعلنا نعود إلى قصة عيشة كنديشة. وفقًا للروايات التي تقول إن عيشة المورسكية أو عائشة قنديشة طُردت عائلتها من إسبانيا إلى المغرب.

ليس هذا فحسب، بل طُردت من المغرب وقُتلت العائلة بأكملها. ولم يتبق من عائلة عيشة كنديشة سواها فقط. وهنا قررت عيشة أن تنتقم لعائلتها أشد انتقام. فكانت تقوم بإغراء الجنود البرتغاليين.

حتى تجعلهم يذهبون إلى أماكن نائية. مثل الوديان والمستنقعات والأماكن الخالية، ثم تقتلهم وتشرب من دمائهم. وكانت تقتل الجنود البرتغاليين بطريقة احترافية. ولما زادت حالات الاختفاء بين الجنود، دب الرعب في قلوبهم. لدرجة أن الجنود بدأوا يؤمنون بأن عيشة قنديشة ليست من البشر وأنها جنية.

زوج عيشة قنديشة

تقول الرواية الثانية: إن عيشة قنديشة صُدمت بموت زوجها على يد الغزاة في المغرب. وهنا أخذت العهد على نفسها بأنها ستأخذ بثأر زوجها ممن قتلوه. وكانت عيشة قنديشة تختبئ طوال النهار وتظهر بالليل من المغارات والمستنقعات. كانت تظهر وجسمها كله مغطى بالطين. فتستدرج الجنود ثم تقتلهم وتقطعهم. وهذا هو السبب في تسميتها سيدة المستنقعات أو عيشة ذات الأرجل.

ولو لاحظتم، فإن الشيء المشترك في كل الروايات والحكايات التي تتحدث عن عيشة قنديشة هو أنها تكره الرجال. كما أنها تستدرجهم وتقتلهم بطريقة مرعبة. ولكن لماذا تكره عيشة قنديشة الرجال بهذا الشكل؟ لماذا تظهر للرجال وولا تظهر للنساء؟

هل عيشة قنديشة جن؟

هناك قصة حزينة يتداولها الأهالي في المغرب. وهذه القصة هي بداية ظهور الشخصية الدموية عيشة قنديشة. وتقول القصة إن كانت هناك فتاة جميلة جدًا من عائلة غنية جدًا. وأحبت هذه الفتاة شابًا فقيرًا. وهذا الشاب الفقير لم يكن يحبها.

كان يوهم الفتاة الغنية بأنه يحبها طمعًا فيها، أي أنه كان يريد الزواج بها لأجل مالها. ولم توافق عائلة الفتاة الغنية على زواجها بهذا الشاب الفقير لأنهم كانوا يعرفون أنه لا يحبها لجمالها. بل كان يحبها لأجل ثروة عائلتها.

لكن الفتاة أصرت على أنها ستتزوج الشاب الفقير، فهربت من بيتها وذهبت إليه. لكن الشاب، بمجرد أن علم انها هربت من عائلتها، تخلى عنها لأنه لن يتمكن من العيش على ثروة عائلتها. بعدما هربت وتركت أهلها والدنيا كلها لأجله. ومن هنا، حزنت حزنًا شديدًا للغاية. وعلى مدار سنين طويلة، كانت تجلس على الشاطئ وتبكي حزنًا على خيانة حبيبها إلى أن توفيت.

وهنا بدأت الأسطورة. خرجت من المكان الذي ماتت فيه الشابة جنيّة تكره الرجال جميعهم. وهذه الجنية هي عيشة قنديشة.     ولهذا السبب، يؤمن الكثيرون بأن عيشة قنديشة من الجن ووليست من البشر.

عيشة قنديشة في الطريق

في واحدة من قصص عيشة قنديشة المشهورة، يُقال إن عيشة قنديشة اعترضت طريق رجال متجهين إلى القرية. كانت تضحك عليهم، تحاول توقعهم في شباكها، وتسحبهم إلى الخلف.

إلا أن الرجال استطاعوا النجاة منها عن طريق ملاحظة شيء مهم جدًا لم يكن موجودًا عند بقية النساء في القرية. وهي أن رجليها تشبهان حوافر الحيوانات.

عندما انتبهوا لذلك، أشعلوا النار في العمائم التي كانوا يرتدونها. عندما رأت عيشة قنديشة النار تشتعل أمامها، فرت وهربت. فالشيء الوحيد للنجاة منها هو ضبط النفس ومفاجئتها بإشعال النار، لأن النار تعتبر نقطة ضعف لها.

وهناك طريقة أخرى أيضًا تنجيك من شر عيشة قنديشة، وهي غرز نصل سكين في الأرض. وهذا سيكون كافيًا لترهيبها وإخافتها. لأنك إن لم تفعل ذلك، فسوف تسحبك إلى مخبأها. وهنا ستكون نهايتك، ستلتهمك عيشة قنديشة بلا رحمة، ولن تفيدك توسلاتك.

بالنار تستطيع حماية نفسك من لعنة عيشة قنديشة. كل ما عليك فعله هو إشعال النار أمامها.

قصة العالم الفرنسي مع عائشة قنديشة

في قصة مشهورة عن هذه الحكاية، كان هناك عالم فرنسي مغربي، ألف كتابًا بعنوان أساطير ومعتقدات من المغرب. وقال في كتابه: كان هناك أستاذ فلسفة أوروبي في إحدى الجامعات المغربية. كان يحضر بحثًا حول عيشة قنديشة وأسطورتها ووجد أستاذ الفلسفة نفسه مضطرًا لحرق كل ما كتبه في أبحاثه وأوقف بحثه وغادر المغرب بسرعة وذلك بسبب تعرضه لعدة حوادث غامضة.

لم يذكر الكتاب بالتحديد ما تعرض له أستاذ الفلسفة. بعد كل ما ذُكر، يبقى السؤال: هل عيشة قنديشة شخصية حقيقية؟ هل كانت تقاوم الاحتلال؟ أم أنها جنية؟ أم أن كل ما قيل مجرد أساطير؟ الإجابة: الله أعلم. لكن هناك شيء مثير جداً للاهتمام بشأن حقيقة عيشة قنديشة.

قصة عيش قنديش الحقيقية

حظيت عيشة قنديشة باهتمام كبير من الباحثين وأساتذة الجامعات. وقالوا إن هناك شخصية حقيقية فعلًا اسمها عيشة قنديشة. وأنها ماتت نتيجة مشاركتها في معركة وادي المخازن في القرن السادس عشر بين المغرب والبرتغال.

لكن لم يُعثر على جسدها. توجد في الدول العربية أساطير مشابهة لأسطورة عيشة قنديشة. مثل أسطورة أم الدويس في الخليج العربي، والنداهة في مصر، والطنطل بالعراق.

إذا أعجبتك قصة عيشة قنديشة لا تنسي قرأت:

قصة تل حفيظ في العراق

قصة سجن قارا في المغرب

قصة طاهر بك الرجل الخارق للطبيعة

اين تسكن عيشة قنديشة

كل هذه الحكايات منتشرة في منطقة مكناس ومنطقة سيدي سليمان في المغرب. هناك ستسمع الحكايات والأساطير عن عيشة قنديشة. 

تتضارب الأقاويل عن حقيقة وجود عائشة قنديشة، ولكن في كثير من أنحاء المغرب، يقولون انها حقيقة وليست أسطورة خيالية. وقعت للكثير من الناس قصص مع عيشة قنديشة، وقال الكثير منهم أيضًا إنهم واجهوها. ويقولون إن أكثر مكان في المغرب رأى الناس فيه عيشة قنديشة هو جسر يُدعى جسر بن عيسى. وهو طريق قديم في المغرب.

إذا كنت تعتقد أن لعنة عيشة قنديشة لن تصيبك، إلا إذا كنت قريبًا منها، فهذا ليس شرطًا على الإطلاق. من الممكن جدًا أن تصاب بلعنتها بمجرد ذكر اسمها أو حكي قصتها لأحد.

إلى هنا تنتهي قصة عيشة قنديشة. أتمنى أن يكون هذا الموضوع قد نال إعجاباكم. وإذا كان أحد منكم رأى عيشة قنديشة على الحقيقة أو مر بتجربة معها، فليكتب قصته أو تجربته في تعليق بالأسفل.

عمرو عكاشه
عمرو عكاشه
تعليقات