أسطورة مدينة النحاس: هل دخلها موسى بن نصير حقاً؟ وماذا وجد فيها؟

author image

مدينة النحاس، أو المدينة النحاسية أو المسحورة، هو إسم لمدينة مات حول أسوارها الكثيرين، مدينة بداخلها أسرار عجز عن إكتشفها الكثيرون، وحول أطرافها جن وجودهم يتعلق بنبى الله سليمان. مدينة غريبة، والأغرب أنه قد ورد ذكرها فى كتب موثقة من الخلافة الأموية. لكن ما حقيقة قصة المدينة النحاسية؟ تابع القرأة لمعرفة المزيد عن قصة المدينة المسحورة وموسي بن النصير. 

قصة المدينة النحاسية

مدينة النحاس حقيقة أم خيال

سر مدينة النحاس الغريبة هذه المنطقة حيرة كثيرا من العلماء، وبقيت سرا إلى يومنا هذا. ويجدر التذكير ايضا أن قصة تلك المدينة ورد ذكرها فى كتب من العهد الأموى، مثل:

  1. رواية إبن الفقيه النبذانى فى كتابه البلدان.
  2. رواية أبو حامد الأندلسى الغرناطى لمدينة النحاس.

حديثنا يدور حول مملكة مسحورة بكل معنى الكلمة بها كنوز مالم يخطر على بال بشر. "وهى ما ذكره إبن الفقيه النبذانى فى كتابه البلدان". حيث قال عن مدينة النحاس بأنها من عجائب الأندلس، بحيث لم يرى الراءون مثلها ولم يسمع السامعون عن مثلها.

ولكن إبن الفقيه إعتمد تسمية أخرى للمدينة، وهى البهت وتعنى فى معجم اللغة العربية الكذب. كأن هذه المدينة لا وجود لها من الأساس. وللعلم اسم المدينة هوا مدينة الصفر وتعنى النحاس الأصفر.

رواية إبن الفقيه حول المدينة المسحورة

فى أحد الأيام بلغ (الخليفة عبد الملك بن مروان). وهو خامس الخلفاء الأمويين قصة مدينة النحاس، وأن بها مالا يعد ولا يحصى من الكنوز.

فكتب إلى موسى بن نصير، الذى كان من أقوى القادة فى الدولة الاموية، يأمره بتقصى أمر تلك المدينة. أخذ طالب بن مدرك كتاب عبد الملك بن مروان، وإنطلق إلى مدينة القيروان المتواجده فى تونس اليوم.

مدينة القيروان التى كانت من أوائل المدن المشيدة فى المغرب العربى مسقط رأس موسى بن نصير، عندما وصل كتاب عبد الملك إلى موسى بن النصير.

أمر على الفور بتجهيز جيش بقوام يبلغ ألف فارس، وأوصى الجنود بأخذ ذاد وماء يكفيا طيلة أربعة أشهر، ثم إنطلق للبحث عن مدينة النحاس. فبحسب الرواية سار بن نصير ثلاثة وأربعين يومًا، والأغرب من ذلك أن بعض الرويات تقول بأنهم قد سارو طيلة عامين، ولكن هل إستدل بن نصير على أمر تلك المدينة! نعم.

قصة المدينة النحاسية

وصول القائد موسى بن النصير إلى مملكة النحاس

إستطاعة البعثة الوصول إلى أرض مدينة النحاس، ولكنهم فشلوا فى دخولها بعد محاولات كثيرة بائة بالفشل. والعجيب فى الأمر أن موسى بن نصير كتب إلى عبد الملك بن مروان كتاب يقول له؛ أنهم وجدوا المدينة، بل وراءو بريقها قبل أن يصلوا إليها بأيام عديدة. فهالهم منظرها وأرعبتهم ضخامتها وشساعة مساحتها، كأنها بنيت بأيدى غير بشرية بل بأيدى مخلوقات غريبة.

عندما وصل الجند إلي اصوار مدينة النحاس صلوا العشاء، ثم باتوا الليلة التى وصفها بن نصير أنها الأكثر رعبا بدون ذكر تفاصيل. وعندما أصبحوا بدأوا بالتكبير إستئناسًا بالصبح، فأرسل بن نصير فارسا لتفقد أصوار المدينة لعله يجد منها ما يدخلون منه إلى الداخل.

فغاب يومين كاملين يدور حول المدينة، وهناك رويات أخرى تقول أنه غاب ستة ايام وعاد فى السابع. وعندما سأله بن نصير كانت إجابته صادمة، تلك المدينة ليس لها باب ولا مدخل، الأمر لم ينته إلى هذا الحد، حيث امر بن نصير الجنود بجمع أمتعتهم، وجعل بعضها فوق بعض.

لكن الأمتعة لم تكفى فأمر بصناعة عدة سلالم خشبية وربطها بالحبال ليصعد فوقها أحدهم. وهنا بدأة المفاجأت نادى موسي بن نصير فى عسكره قائلا: من يصعد ذلك الصور ويأتى لى بخبر تلك المدينة فله منى عشرة ألاف قطعة نقدية، فوافق أحد العسكر وعندما صعد أعلى صور المدينة كانت الصدمةُ.

فقد بدأ الرجل بالقهقة والضحك بدون سبب، فصاح القائد يسأل الجندى ليخبره عن ما رأه، ولكن الغريب أنه لم يلتفت إلى بن نصير، ثم نزل إلى تلك المدينة ولم يسمع له مسمع.

ولكن بن نصير لم يستسلم، وصاح فى عسكره أن من يصعد السلم ويأتى بخبر تلك المدينة فله جائزة فصعد رجل أخر. ولكن كان مصيره مثل سابقه، القهقهة والنزول بدون النطق بكلمة عن ما رأه.

وبحسب الرواية أن موسي بن نصير أرسل رجل ثالث ولكن كان مصيره مثل من سبقوه، فأمتنع الرجال عن الصعود خوفا مما رأوا بأم عينهم من زملائهم. فعاد إبن النصير وفرسانه أدراجهم خالى الوفاض". إنتظر لم تنته القصة بعد!

رواية أبو حامد الأندلسى الغرناطى

ذكر أبو حامد الأندلسى الغرناطى فى كتابه تحفة الألباب ونخبة الإعجاب. أنه وبعد تعدد محاولات إبن النصير الفاشلة لإقتحام مدينة النحاس، لجاء للحفر من اجل عمل خندق تحت صورها، فظل يرتطم بأثاثها النحاسى.

فحفر حتى بلغ المياه الجوفية ولم يبلغ الأثاث، مما أفشل محاولاته لحفر الخندق. فقرر ما ذكرناه سابقا، وهو عمل سلم والعبور فوق الصور، ولكن هل إكتفى بهذا بل أضاف المؤرخ أنه بعد أن يقفذ المتسابق الأول داخل المدينة، تضج المدينة بالضحكات والصراخ المفزع الذى يدوم ثلاثة أيام بلياليها، حقا مرعب.

هل هناك رابع صعد ذلك الصور؟ ايضا وبحسب الرواية لم يصعد الصور ثلاثة رجال وحسب بل كان هناك شخص رابع، ولكن هذه المرة طلب منهم ربطه بحبل حول خصره ومنعه من القفذ ففعلوا. وعندما وصل إلى أعلى صور المدينة بدأ بالتصفيق والرقص ثم قفذ، فحاول أصدقائه سحبه ولكن كانت نهايته مأساوية!

فقد قطع جسده إلى نصفين، النصف العلوى سقط داخل صور مدينة النحاس والجزء الأسفل قام زملائه بسحبه إليهم، مما أثار الضحك وتعالت الأصوات المرعبة مجددا ثلاثة أيام بلياليها.

قصة بحيرة الجن بجوار المملكة المسحوره

فبحسب الرواية لم يعد إبن النصير إلى القيروان بعد فشله فى دخول المدينة، ولكنه سمع عن بحيرة بجوار المدينة المسحورة مغمورتا بالكنوز.

فأتجه إليها، فوجد هناك رجلا واقف على الماء، وعندما سأله عن هويته أخبره أنه من الجن وقد حبسه نبى الله سليمان هنا فى هذه البحيرة ثم إختفى.

وعندما غاص الجند فى الماء وجدوا قطع من صفر اى "نحاس" مختومة بالرصاص. وعندما فتح أحداها خرج منه جنى منتطيا فرسا وحاملا رمح، فنادى يانبى الله سليمان لا أعود، ثم طار فى الهواء. فعلها بن النصير ثلاث مرات فأعاد ما وجد إلى البحيرة من قطع النحاس، لأنه لايريد إطلاق صراح قوم حبسهم نبى الله سليمان.

أرض الموت المرعبة بجوار المدينه

هل إنتهى الأمر؟ كلا فهناك رواية أخرى تقول أن بن النصير قبل أن يذهب إلى البحيرة، وجد صورة لشخص حاملا لوحة من نحاس مكتوب عليها، التالى: " ليس ورأى مذهب فأرجعوا ولا تدخلوا هذه الأرض فتهلكوا ".

وهنا الغرابة والعجيب فى الأمر؛ أن الأرض كانت من الداخل جميلة جدا بها اشجار مثمرة وغزيرة المياه، فكيف يهلك من يدخلها. دخلت مجموعة من العسكر إلى تلك الأرض، فوثب عليهم من بين الأشجار نمل ضخم، كالسباع الضارية.

فهجموا عليهم فقطعوهم بخيولهم إربا، ثم إنطلقوا إلى باقية الجند الذين لم يدخلوا تلك الأرض. فوقفوا على حافة حدود المنطقة بجوار صورة الرجل على اللوحة المعلقة، ولم يتعدوها أبدا فى تحذير واضح وصريح لأبن نصير ومن معه.

قصة المدينة النحاسية

هل دخل بن نصير إلي مدينة النحاس

إذا تنكر أغلب الرويات دخول موسي بن نصير إلى مدينة النحاس، بإستثناء رواية واحدة فقط تروى عن دخوله هناك وهيا:

أن إبن النصير طلب من شخص خامس أن يصعد إلى هناك ويفتح الأبواب، فتقدم رجل من عسكره فتسلق الصور كمن سبقوه. ولكن هذا الرجل بقى جالسا وصامتا يقرأ القرءان إلا نحوى ساعة كاملة، ثم صاح فى إبن النصير أنى قد وجدت المفتاح.

أتعلمون مالذى رأه ذلك الفارس، بحسب الرواية أنه قد رأى عشرة نساء فاتنات الجمال، فبدأو بإغوائه فصاح فيهن مرددا أسماء الله الحسنة فأختفين.

إنطلق الفارس نحوا برج للمراقبة فوق صور مملكة النحاس، فوجد تمثالا لفارس مكتوب عليه؛ إذا أردت فتح باب مدينة النحاس آفرك يدى ففعل ففتح الباب.

تقول الرواية: أن الجيش إنقسم إلى قسمين، منهم من دخل والقسم الأخر إنتظر فى الخارج.

وعندما دخل بن النصير ومن معه وجدوا جثثا ملقاة على أرض المدينة، بدا وكأنهم نيام لا موتى. تابع بن النصير ومن معه المسيرة داخل المدينة، حتى وجدوا قصرا لا مثيل له من الضخامة والبنيان الفاخر. فدخلوه فتفاجاء بن النصير ومن معه بما وجدوا من كنوز و ذهب وياقوت ولؤلؤ، أخذ الجنود ما تشتهيه أنفسهم من كنوز ومجوهرات.

أخذ بن القائد يتجول فى أرجاء القصر، إلا أن وجدوا المفاجأة الثانية. لقد وجدوا غرفة بها فتاة فائقة الجمال ترتدى ثوب من حرير مستلقاة على سرير من ذهب، وحولها ثمثالين لفارسين يحملا سيفين من نحاس.

بداء الأمر لوهلة أن الفتاة حية؛ إلا أن المفاجأة أنه تم إقتلاع عينى الفتاة وهى على قيد الحياة، وتم إعادتهما بعد موتها.؟ وقد تم وضع لوحة فوق الفتاة تروى ما حل بمملكتها، أنها ورثة الملك عن والدها، الملك الذى تجبر وتكبر فى الأرض، فقضت عليهم سنوات القحط.

لم تنته القصة، فاللوحة بدأت ب: (خذ ما شاءة من المجوهرات ولاكن لا تأخذ ما أرتديه أنا). فطمع أحد الجنود فتوجه إلى تاج الأميرة، الذى يعد من أروع التيجان. فحاول أخذه هوا وباقى المجوهرات، فتحرك التمثالين بسيفهما فضربا عنق هذا الرجل.

سار بن النصير ومن معه من الجنود بإتجاه جبل كبير، فوجدوا هناك كهف فأوو إليه، ولكنهم سمعوا أصواتا غريبة فوق الجبل. فوجد أناس ذى بشرة سمراء داكنة، خاف القائد ومن معه من الجنود،أن يكونوا من المردة. فنزل إليه ملكهم الذى وجه إليه عديد الأسئلة عن سبب وجوده هنا فأخبره عن مدينة النحاس.

فتعجب بن النصير! لاسيما أنهم يعبدون الله، فسألهم كيف ولم تطأ تلك الأرض قدم نبى. فأخبروه أن من تلك البحيرة يخرج إليهم نورا عظيم، فيعلمهم كيفية عبادة الله.

علم القوم أن بن نصير ومن معه يريدون القماقم الموجودة تحت البحيرة لأخذها إلى أمير المؤمنين، فأمر بعض من شعبه بالغوص وإستخراج بعض من القماقم وإعطائها لإبن النصير الذى عاد إلى أدراجه.

هل مدينة النحاس حقيقية

إذا كانت المدينة قد ذكرة فى تلك الكتب، الأموية القديمة إذا فهى موجودة، مدينة النحاس ستظل سرا يتوارثه جيلا بعد جيل إلى أن يستبين لنا دليل يسبته أو يدحضه بالكامل. ''والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته''.