عندما ينهار كيد الرجل أمام كيد النساء.. قصة قصيرة لن تتوقع نهايتها
في عالمٍ تتبارى فيه الأذهان، وتتصارع الحيل، يظل "كيد النساء" لغزاً يحير العقول، وقوةً لا تُقهر. هذه قصة قصيرة تحكي عن تاجرٍ غره ذكائه، واعتقد ذات يوم أن حنكته وخبرته في البيع والشراء تخطت كل الحدود بما في ذلك كيد النساء، فتفاخر بقدرته على خداع النساء واحتكار ذكائهن. لكن القدر كان يخفي له مفاجأةً ستقلب موازين غروره رأساً على عقب.
دفعه غروره لوضع لافتة على دكانه "كيد الرجال أعظم من كيد النساء" لكن أين ذهبت هذه اللافتة؟ دعونا لا نطيل عليكم ونستكشف القصة والدرس التي لن ننساها. قصةٌ قصيره تثبت أن التواضع خيرٌ من العُجب، وأن كيد النساء قد يكون أقوى مما يتصور أي رجل!
كيد النساء - التاجر الذي خسر المعركة
في مدينة مزدهرة نابضة بالحياة، كان هناك تاجر يمتلك دكان صغيرا في السوق الرئيسي، لم يكن هذا الدكان عادياً بل كان مخصصًا لبيع كل ما تحتاجه النساء، من أدوات الزينة والمكياج إلى الملابس والحجابات والإكسسوارات التي تزين بها المرأة نفسها.
كان التاجر بارعًا في مهنته يعرف كيف يتعامل مع زبائنه التي كانت غالبيتهن من النساء، فأتقن فن التعامل معهن بلباقة وحنكة. كان هذا الرجل يتمتع بمهارة خاصة ألا وهي رفع أسعار بضاعته فوق قيمتها الحقيقية، لم يكن يفعل ذلك بالقوة أو الخداع الصريح، بل بكلمات معسولة وأسلوب جذاب يجعل المرأة تشعر أنها لا تستطيع الاستغناء عن تلك القطعة التي بين يديها.
كان يقول لها هذا اللون يناسبك كأنه خلق لك، أو هذه القطعة لن تجد مثلها في مكان آخر، كان يبيع بضاعته بأضعاف قيمتها ويزداد ربحه يومًا بعد يوم.
غرور التاجر - كيدي غلب كيد النساء! إنتظر يا مسكين
مع مرور الوقت بدأ الغرور يتسلل إلى قلبه، أصبح يرى نفسه أذكى من الجميع وخاصة النساء اللواتي يتعامل معهن، كان التاجر يتباهى في مجالس الرجال قائلًا، أنا كيدي كرجل أقوى من كيد النساء جميعًا لا توجد امرأة قادرة على خداعي أو التغلب على.
بل إنه ذهب أبعد من ذلك فقد وضع لوحة كبيرة أمام دكانه كتب عليها بخط واضح كيد الرجال أعظم من كيد النساء، كأنه يعلن تحديا صريحا لكل امرأة تمر من أمامه. لم تمر هذه اللوحة مرور الكرام، بل أصبحت حديث المدينة بأكملها انتشر الخبر كالنار في الهشيم، وأخذ الناس يتداولون القصة بينهم كان بعض الرجال يضحكون ويقولون ما هذا الجنون الذي أصاب فلان؟ أين يظن نفسه ذاهباً؟
بينما شعرت بعض النساء بالاستفزاز، فقالت إحداهن والله لا نرى من سيضحك أخيرًا، وهكذا تحول الأمر إلى مادة نقاش وجدل في الأسواق والمجالس.
النساء تعلنها بصراحة.. إنه الحرب
في يوم من الأيام، بينما كان التاجر جالساً في دكانه يراقب زبائنه ويحسب أرباحه دخلت عليه فتاة لم يرى مثلها من قبل، كانت ذات جمال ساحر يأخذ القلوب، وجهها مضيء كالبدر في ليلة صافية لم تكن مجرد امرأة عادية، بل كانت كأنها نسيج من الخيال تجمع بين الرقة والفتنة في آن واحد.
ما هذا.. القلب يخفق والكيد يضعف
بعدما رأها التاجر شعر بقلبه يخفق بقوة، ونسي في لحظة كل النساء اللواتي كن في الدكان وتركهن ليقترب من الفتاة ويقول لها، بصوت فيه شيء من الارتباك مرحبا بك على السمع والطاع سيدتي ما الذي تريدينه؟ المحل كله تحت تصرفك.
ابتسمت الفتاة إبتسامة رقيقة جعلته يذوب في مكانه، ثم قالت بصوتها الهامس أريد أن أرى بعض البضائع لكنني أبحث عن شيء مميز، بدأت تتجول في الدكان تتفحص الأشياء بنظرات متأنية، وكلما سألته عن قطعة كان يجيبها بسرعة وبلهفة.
حاول التاجر أن يزين لها البضاعة كعادته، لكنها كانت تقول هذه عادية أو الخامة ليست بتلك الجودة، مما جعله يشعر بحاجة إلى إرضائها أكثر استمر الحديث بينهما وكانت كلماتها تسحره ونظراتها تأسره حتى أصبح كمن فقد عقله في بحر جمالها.
عندما انتهت الفتاة من إختيار بعض القطع وحان وقت الحساب قال لها، لا داعي للحساب خذيها هدية مني، لكنها رفضت الفتاة عرضه بأدب وقالت، لا مستحيل أن أخذ شيئا دون أن أدفع ثمنه.
أصرت على دفع المبلغ فحاسبت واستعدت للمغادرة، وقبل أن تخرج التفت إليها التاجر وقال بنبرة فيها شيء من الحسرة يا حظ زوجك بك من هو المحظوظ الذي فاز بقلبك، فابتسمت ابتسامة خفيفة وقالت أنا لست متزوجة! دهش التاجر وقال معقول كل هذا الجمال ولم يخطبك أحد أين الرجال عنك ضحكت ضحكة خافتة وخرجت من الدكان تاركة خلفها قلب التاجر يذوب شوقا وحيرة.
كيف ذلك.. لماذا تأخرت معشوقتي أين ذهبت؟
منذ تلك اللحظة لم يعد التاجر كما كان، أصبحت تلك الفتاة هاجسه الوحيد يفكر فيها ليل نهار ويتخيلها في كل زاوية من دكانه. مرت ثلاثة أيام وهو على هذا الحال يضع يده على خده ينظر إلى الباب منتظرًا عودتها وقلبه يردد أين ذهبت ومتى ستعود.
كان كمن أصُيب بسهم الحب من أول نظرة، وهو الذي طالما تفاخر بأنه لا يقع في فخ أحد من النساء. في اليوم الرابع عادت الفتاة إلى الدكان، ما إن رآها حتى قفز من مكانه وقال بلهفة يا هلا ويا مرحبا لماذا تأخرت على أين كنت، أجابت ببرود مصطنع كنت مشغولة ببعض الأمور وجئت اليوم لأرى ما هو جديد عندك. بدأ يعرض عليها البضائع باهتمام زائد لكنها ظلت تقول هذه عادية أو لم تعجبني، حتى اختارت قطعتين فقط وقالت، سأكتفي بهما.
لحظة ضعف.. قلبي فضحني
وفي لحظة من الجرأة قال لها يا قلبي أنت تستحقين الأفضل، التفتت إليه بدهشة وقالت، ماذا بك، فأجاب في البداية قلت يا حظ زوجك والآن أقول يا حظ أبيك. ابتسمت وقالت بل يا تعاسة أبي بي، استغرب وقال لماذا فقالت، أبي يرفض تزويجي كلما جاءني خاطب يضع في عيوب ليرده.
سألها ما هذه العيوب أنت كاملة في عيني، أجابت بحزن مصطنع يقول، إنني عرجاء عمياء ضعيفة لا أصلح للزواج، وأنا أخشى أن يفوتني قطار الزواج. شعر التاجر بالحماسة وقال بالله عليك أترضين بي زوجًا، نظرت إليه وقالت نعم أرضى بك لكن أبي هو العقبة، قال لا تشغلي بالك أنا سأتولى الأمر.
عندما أمضي لخطبة حبيبتى بدون رؤيتها
في اليوم التالي ارتدى التاجر أفضل ثيابه وتوجه إلى بيت والد الفتاة، وهو رجل يدعى غاضي الغضاط دخل عليه وقال السلام عليكم، جئتك خاطبًا لإبنتك. رحب به غاضي وقال يا مرحبًا لكنني لا أريد أن أغشك ابنتي عرجاء عمياء ضعيفة ولا جمال فيها، رد التاجر بثقة أعرف ذلك لكنني أريد قربك والنسب منك ولا يهمني شيء سوى ذلك.
حاول غاضي إقناعه بالنظر إلى الفتاة في النظرة الشرعية لكنه رفض وقال سمعتك تكفيني أنا راض بها، وافق غاضي أخيرا لكنه وضع شرطا إذا طلقت ابنتي ستدفع مبلغا كبيرًا. وافق التاجر دون تردد وتم عقد الزواج على أن يقام الحفل بعد شهر، كان التاجر في غاية السعادة يحلم بلقاء عروسه الجميلة التي أسرت قلبه.
ما هذا.. هل بدلتم بضاعتكم أم تم خداعي؟
بعد أيام من العقد ذهب التاجر إلى بيت غاضي ليرى زوجته، دخل وقلبه يرقص فرحًا، لكنه ما إن رأى الفتاة التي حضرت إليه حتى تجمد في مكانه؟ كانت امرأة مختلفة تماما عرجاء ضعيفة باهتة لا تشبه تلك الجميلة التي التقاها في دكانه.
صرخ التاجر وقال من هذه؟ هذه ليست زوجتي رد غاضي ببرود هذه ابنتي التي وافقت على الزواج بها ألم أخبرك بمواصفاتها، وحاولت أن أجعلك تراها لكنك رفضت. في تلك اللحظة أدرك التاجر أنه وقع في فخ محكم لكيد النساء، تلك الفتاة الجميلة التي سحرته لم تكن سوى أداة للانتقام منه. لقد كادته إمرأةً بذكاءٍ كيد النساء فاق كيده، وهاهو الآن متزوج بابنة غاضي الحقيقية.
ساعديني لقد توبت؟
عاد التاجر إلى دكانه محطمًا ومهموماً، نظر إلى اللوحة التي كتب عليها كيد الرجال أعظم من كيد النساء، ثم انتزعها وكسرها بغضب وحزن.
جلس يفكر في مصيبته وهو يرى زواجه يقترب ولا مخرج أمامه، وبينما هو على هذا الحال دخلت عليه الفتاة الجميلة مرة أخرى، نظر إليها وقال أنتِ من فعلت بي هذا لماذا؟ ابتسمت وقالت أين لوحتك؟ ألم تكن تفتخر بكيدك؟ قال بحسرة تبت الآن وعلمت أن كيد النساء أعظم لكن أنقذيني من هذه المصيبة.
مساعدة مشروطة.. تنازل عن كبريائك وإكتب كيد النساء أعظم من كيد الرجال
ردت عليه الفتاة الجميلة، سأساعدك لكن بشرط واحد أن تكتب على باب دكانك "كيد النساء أعظم من كيد الرجال" وافق التاجر المهزوم على الفور، وقال أفعل أي شيء فقط أخرجيني من هذا المأزق.
قالت الفتاة للتاجر، إسمعني جيدًا بعد يومين ادعو قاضي القضاة إلى بيتك لعشاء بمناسبة زواجك، ثم اذهب إلى الراقصين خارج المدينة ادفع لهم مالاً واطلب منهم أن يحضروا العشاء، بشرط أن يكونو مدعين أنهم أهلك وأقاربك.
استغرب التاجر وقال كيف سيحل هذا مشكلتي؟ قالت افعل ما أقول وسوف ترى. نفذ التاجر الخطة بدقة دعا القاضي إلى العشاء ثم ذهب إلى الراقصين ودفع لهم المال، قائلاً لهم أنتم أهلي تعانقونني في العشاء وكأنكم أقاربي، وافقت الراقصات مقابل المال والطعام.
قد يعجبك: كيف تحول عاطل إلي بائع فراولة
لا أصدق.. لقد نجحت الخطة!
في يوم العشاء حضر غاضي والد العروس وقاضي القضاة ثم دخل الغجر يرقصون ويغنون بطريقتهم الغريبة، ينادون التاجر ابن العم وابن الخال. استاء غاضي من المشهد وقال من هؤلاء؟ رد التاجر هؤلاء أهلي قال غاضي، لا علومنا من علومكم ولا عاداتنا من عاداتكم لا أرضى أن تكون ابنتي مع هؤلاء، ثم طلب منه أن يطلق ابنته فورا ومزق العقد بنفسه رافضًا أي تعويض. هكذا تخلص التاجر من زواجه دون أن يخسر شيئا.
الإعتراف بالهزيمة؟ لوحة عريضة عن كيد النساء
في اليوم التالي عادت الفتاة الجميلة وقالت ها قد تم مرادك، شكرها التاجر بحرارة ونفذ شرطها، فكتب على دكانه كيد النساء أعظم من كيد الرجال. معلنا هزيمته أمام ذكائها وهكذا انتهت حكاية التاجر الذي ظن أن كيده قد فاق كيد النساء، لكنه سقط أمام كيد امرأة علمته درسًا لن ينساه.
العبرة هنا أن الغرور قد يعمي الإنسان عن الحقيقة، وأن التكبر قد يكون بداية الهلاك. فكم من إنسان رفع نفسه فوق الآخرين ظناً أنه أفضل أو أذكى، ثم جاء القدر ليريه عكس ذلك والآن أترك الحكم لك. من كان الأعظم كيدًا في هذه القصة، الرجل أم المرأة. أكتب لنا إجابتك في التعليقات بالأسفل؟