قصة برصيصا العابد والشيطان - كيف يخدع إبليس حتى المتقين؟

هل سمعت من قبل عن الرجل العابد الذي سجد للشيطان، لكن ما السبب الذي دفعه لفعل ذلك. قصة برصيصة ليست من القصص الإسلامية الصحيحة، بل هي من قصص الإسرائيليات الذي أمرنا النبي ﷺ بعدم تصدقيها أو تكذيبها. صحيح بأن قصة برصيصا العابد لم يرد لها ذكر صحيح في القرأن، لكن بعض كتب التفسير ربطت بينها وبين الأية الكريمة؛ 

"كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ".

قصة برصيصا كاملة

في قديم الزمان عاش في بني إسرائيل رجل عابد يدعى برصيصا، وكان عابدًا تقيُا لله تعالى، كما كان يقضي أيامه في صومعته الصغيرة يصلي ويذكر الله، قلبه معلق بالسماء وكأنه نجم يضيء في ليل الدنيا.

ولكن إبليس ذلك العدو اللعين كان يراقب برصيصا من بعيد، عيناه تلمعان بالحقد. كان يرا في تقوى برصيصة تحديًا لسلطانه، جمع إبليس جنوده من الشياطين والمردة وقال لهم، كيف لكم أن تتركوا رجلا واحدًا يتحدى سلطاني أغووه وأضلوه.

لكن الشياطين عجزوا عن فعل ذلك، وعادوا إلي إبليس خائبين، ويقولون يا سيدنا برصيصة لا يسمع إلا كلام الله ولا يرى إلا نور الطاعة، فغضب إبليس وقال إن لم تقدروا عليه فسأتولاه بنفسي سأجعل من برصيصة عبرة للناس.

الاختبار الأول: الأمانة الثقيلة

في تلك الأيام كانت هناك قرية قريبة من صومعة برصيصة يعيش فيها ثلاثة إخوة قلوبهم متحدة كالجسد الواحد، وكانت لهم أخت واحدة فتاة طاهرة القلب، ولكن يومًا ما جاء فيه أمر من المالك على الإخوة الثلاثة أن يخرجوا للجهاد في سبيل الله، وقف الأخوة الثلاثة في حيرة ينظرون إلى أختهم قلوبهم تتمزق من سيحميها؟ من سيحفظها وهي وحيدة لا أم ولا أب؟

كيف ترك الإخوة أختهم عند برصيصا

تشاوروا طويلا ثم قالوا لا أحد في هذه الأرض يوثق به مثل برصيصة، هو العابد الصالح هو الأمين، أخذوا طريقهم إلى صومعته وقفوا أمامه أصواتهم ترتجف من الرجاء يا برصيصة أنت رجل صالح أنت الذي لا يخاف إلا ربه نرجوك احفظ أختنا حتى نعود من الجهاد.

في البداية هز برصيصة رأسه وقال لا أستطيع أنا عابد وأخاف الفتنة، أخاف أن يشتتني هذا عن طاعتي، ولكن ألحوا عليه وتوسلوا إليه وقالوا إن لم نتركها عندك فمن سيحميها إنها أمانة في أعناقنا. تردد برصيصة طويلا ثم فوافق أخيرًا، ولكن ستبقى في بيت صغير بجوار صومعتي سأضع لها الطعام عند بابها ولا أكثر. بنى الإخوة بيتا صغيرا لأختهم قرب الصومعة وودعوها بعيون مليئة بالدموع ثم انطلقوا إلى الجهاد، تاركين خلفهم قلبا يرتجف من الوحدة.

بدأ برصيصة يعتني بالفتاة بكل أمانة، كان يحضر لها الطعام في صومعته يضعه عند باب بيتها ثم يطرق الباب ويعود إلى صلاته، كانت الفتاة تخرج بهدوء تأخذ الطعام وتعود إلى بيتها دون كلام، كان كل شيء يسير في هدوء واطمئنان.

كيف بدأ إبليس بإغواء برصيصا خطوة بخطوة

مرت شهور على هذا الحال وإبليس كان يراقب ينتظر لحظة الضعف، بدأ يوسوس لبرصيصة ليس بكلام يدعو إلى الشر مباشرة بل بكلمات مغلفة بالخير يا برصيصة ألا ترى وحدتها؟ إنها بعيدة عن إخوتها لا أحد يؤنسها لو سلمت عليها من بعيد لخففت عنها الحزن والألم، وكان ذلك خيرا عند الله تردد برصيصة كثيرا ولكنه ظن أن في ذلك رحمة بدأ يطرق الباب ويقول السلام عليك هل أنت بخير؟

فترد من خلف الباب وتقول وعليكم السلام أنا بخير، ثم يعود إلى صومعته مطمئنًا أنها على ما يرام، مرت شهور على هذا الحال ولكن إبليس لم يتوقف عن مكره، فلقد عاد وقال يا برصيصة السلام وحده لا يكفي إنها وحيدة تحتاج من يسأل عن حالها اسألها إن كانت بحاجة إلى شيء فأنت الأمين عليها، وافق برصيصة على ذلك فصار يطرق الباب يسلم عليها، ثم يسأل يا فلانا هل تحتاجين شيئا؟ فتجيب لا شكرا لك أو تقول أحتاج ماء أو خبزا فيحضر لها ما تحتاجه ثم يعود إلى عبادته.

لكن الشيطان كان ينسج خيوطه ببطء. عاد مرة أخرى وقال يا برصيصة ألا ترى كم هي حزينة  لو تحدثت إليها قليلا لأنست وحدتها إنها لا تسمع إلا صوتك فكلمها من خلف الباب. بدأ برصيصة يتحدث إليها يسألها عن يومها عن أحوالها، وهي تجيب بصوت خافت تحكي عن ذكرياتها مع إخوتها عن أملها بعودتهم، كان الحديث بريئا في البداية ولكن القلب بدأ يميل شيئا فشيئا.

ثم جاء إبليس بخطوة أكبر هذه المرة، فوسوس إليه يا برصيصة الناس يمرون بك وأنت تتحدث إليها من خلف الباب سيقولون أهذا برصيصة العابد؟ لو دخلت بيتها تحدثتما بعيدا عن أعين الناس لكان ذلك أحفظ لسمعتك تردد برصيصة ولكنه أقنع نفسه أنه لن يفعل شيئا يغضب الله.

نهاية الانزلاق: وسوسة الشيطان الأخيرة

طرق عليها الباب ففتحت الفتاة الباب، دخل برصيصة وجلسا يتحدثان كان يخرج كل يوم يذهب للفتاة يكلمها ويضحك معها ثم يعود إلى صومعته، ولكن الشيطان كان يبتسم يرى قلبه يضعف ومع الأيام زين إبليس الفتاة في عيني برصيصة، بدأ ينظر إليها يلمس يدها يقبلها ثم وقع في الخطيئة الكبرى.

كيف خان برصيصة الأمانة

حملت الفتاة منه وأنجبت غلامًا، فلما أخبرت برصيصة بالأمر أصابه الذعر ماذا لو عاد إخوتها سيعرفون الحقيقة وسأفتضح أمام الناس، جاء إبليس في تلك اللحظة ووسوس للعابد بأن الأمر بسيط يا برصيصة اقتل الطفل ثم ادفنه في الصحراء ولن يعرف أحد.

في لحظة خوف وهلع تخلص برصيصة من ابنه وحفر حفرة في الصحراء ودفنه تحت صخرة، ولكن إبليس عاد مرة أخرى وقال لبرصيصة هل تثق أن الفتاة ستسكت إنها قد تفضحك أمام إخوتها اقتلها وادفنها مع ابنها وسينتهي كل شيء. وهكذا قتل برصيصة الفتاة وألقاها في الحفرة مع ابنها.

أين الأمانة التي تركناها عندك

عندما عاد الإخوة من الجهاد سألوا برصيصة عن أختهم، وقف أمامهم دموعه الكاذبة تترقرق في عينيه وقال مرضت أختكم عالجتها ولكنها ماتت وهذا قبرها. أخذهم إلى قبر مزيف فبكوا عليها وترحموا، ثم عادوا إلى بيوتهم وقلوبهم محطمة.

كيف إكتشف الأخوة موت أختهم

لم يتوقف إبليس عند تلك المرحلة بل أراد الغوص لما هو أعمق من ذلك، في تلك الليلة زار كل أخ في منامه وقال برصيصة كذب عليكم أختكم لم تمت، لقد زنا بها ثم أنجبت منه ثم ذبحهما ودفنهما تحت صخرة، خلف بيتها.

استيقظ الإخوة وروا كل منهم ما رأى  فقال الأكبر هذا مجرد حلم ولكن الأصغر أصر وقال لن أهدأ حتى أتأكد.

فضيحة برصيصة

ذهب الأخوة إلى المكان وحفروا تحت الصخرة، فوجدوا أختهم وابنها مقتولين. اشتعل غضبهم فأبلغوا الملك ألقي القبض على برصيصة وسيق إلى الموت مقيد بالسلاسل. هدم الناس صومعت برصيصة وتجمعوا حوله يسبونه ويشتمونه، يا برصيصة أين عبادتك؟ أين تقواك؟ كان ينظر إلى السماء قلبه يعتصر ألما يتذكر أيام صلاته وليالي سجوده، ويقول كيف وصلت إلى هنا؟ لحظة ضعف واحدة دمرت حياتي.

لماذا سجد برصيصا لإبليس؟

وفي لحظاته الأخيرة جاء إبليس في صورته الحقيقية وقال، يا برصيصة أنا الذي أوقعتك في هذا المصير، ولكن إن سجدت لي الآن سأنقذك. تمسك برصيصة بقشة أمل كاذبة وسجد لإبليس، ولكن إبليس ضحك وقال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين، ثم تركه واختفى. صُلب برصيصة وكانت نهايته عبرة للأجيال، نزلت فيه آية من القرآن  كمثل الشيطان إذ قال للإنسان أكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين.

العبرة من قصة برصيصا

هنا تنتهي قصة العابد برصيصا، وهكذا كان مصير رجل بدأ حياته تقيا ولكنه أذعن لوساوس إبليس فخسر دنياه وآخرته تاركا خلفه قصة تحذرنا من خطوات الشيطان ومكره العظيم إلى هنا تنتهي قصتنا اليوم لا تنسوا الاشتراك في القناة وتفعيل الجرس ليصلكم كل جديد والأهم من كل شيء لا تنسوا الصلاة والسلام على رسول الله.