قصة الرجل الذي أكل التفاحة وتزوج من صماء بكماء عمياء

هذه القصة قد ورد ذكرها  في بعض مصادر التراث الشعبي دون توثيق تاريخي دقيق لها، لكنها تحمل عبرة عن التوبة والورع. والرجل الذي خاف الله عندما أكل التفاحة، وأراد التوبة نال في النهاية جائزة عظيمة. دعونا نتعرف على قصة الرجل الذي أكل التفاحة وتزوج من صماء بكماء عمياء.

قصة الرجل الذي أكل التفاحة وتزوج من صماء بكماء عمياء

قصة التفاحة وصاحب البستان

في القرن الأول من الهجرة، عاش في مدينة الكوفة شاب يسعى في طلب العلم ويجتهد على ذلك، كما أنه كان شابا تقيا. وفي يوم من الأيام خرج من بيته لشدة جوعه، عله يجد ما يأكله، وبينما كان يسير على طريق به بساتين، رأى فرع من شجرة تفاح متدل وقريب من الأرض.

فكر هذا الشاب في أعماق نفسه، قائلا: "ماذا لو أكلت تفاحة واحدة من ذلك البستان لن ينقص أليس كذلك! كما لا يوجد أحد هنا ليراني". بعد تفكير سريع وبسبب شدة جوعه قطف الشاب تفاحة واحدة، ثم جلس يأكلها حتى ذهب عنه بعض من جوعه.

البحث عن صاحب التفاحة والاعتذار منه

عندما عاد إلى منزله بدأ يلوم نفسه، كحال الشخص المؤمن، قائلا: "كيف لي أن أخذ من مال رجل مسلم دون إذنه؟ سأذهب وأسأل عن صاحب هذا البستان وأطلب من السماح".

بالفعل قام الشاب وأخذ يسأل عن صاحب ذلك البستان، وعندما وجده قال له بعد السلام: "يا عم فلان لقد بلغني من الجوع ما لم أستطع تحمله، وبينما أبحث عما أكله رائيت بستانك، فقطفت منه تفاحة وأكلتها، والآن قد جئتك أستأذنك فيها".

رد عليه صاحب البستان: "لا، لن أسامحك بل أنت خصمي أمام الله تعالى يوم القيامة!". بدأ الشاب التقي بالبكاء والنحيب، لطلب العفو من صاحب البستان، حتى قال له: "أنا مستعد لعمل أي شيء تريده كي تصفح عني". وبدأ بالتوسل إلى صاحب البستان، والذي كان يزداد إصراره على عدم مسامحة الشاب.

ذهب صاحب البستان إلى بيته وترك الشاب الذي ظل يلحق به، ويطلب منه العفو، وعندما دخل الرجل بيته لم ييأس الشاب! بل أنتظره حتى يخرج إلى صلاة العصر.

وعندما خرج صاحب البستان لصلاة العصر، وجد ذلك الرجل ما يزال واقفا عند بيته، وقد ملئت دموعه لحيته فزادت نور وجهه الذي يدل على طاعة الله.

شرط الزواج الغريب: عمياء، صماء، بكماء

قال الشاب لصاحب البستان: "أنا على استعداد لأعمل عندك فلاحا في ذلك البستان حتى أموت، ولا أريد منك أجرا على ذلك! والشرط الوحيد أن تسامحني".

فكر صاحب البستان قليلا ثم قال للشاب: "يا بني إنني مستعد أن أسامحك ولكن بشرط واحد". فرح الشاب وقاله للرجل: "اشترط يا عم وأنا سأنفذ لك شرطك".

قال صاحب البستان: "شرطي الوحيد أن تتزوج بابنتي". صدم الشاب مما سمع من ذلك الرجل، حتى إنه لم يستوعب ذلك الشرط، ولم يعرف كيف يرد عليه! أكمل صاحب البستان كلامه: "عندي بنت صماء بكماء عمياء ومقعدة لا يمكنها المشي، ومنذ زمن وأنا أبحث لها عن زوج آمنة عليها ولم يقبل أحد بتلك الصفات فيها، وإذا كنت تريد مني أن أسامحك فهذا هو شرطي والأمر عائد إليك".

ازدادت حدة الذهول عند ذلك الشاب، الذي ذهب بعقله وهو يفكر: "كيف أعيش مع زوجةٍ لا تعنيني على الحياة وهي تحتاج إلى من يعينها على ذلك! كما أنني ما زلت في مقتبل عمري!". بدأ الشاب يفكر بعمق؟ وهو محتار بين حرمة ما فعله، وشرط الرجل الذي كان يطمع في عفوه عنه.

حسبها الشاب في عقله ثم قال: "ربما أصبر عليها في الدنيا، لأنجو من عذاب الله عندما يسألني عن هذه التفاحة". ذهب الشاب إلى صاحب البستان وقال له: "يا عم لقد قبلت ابنتك زوجة لي، عسى الله أن يجزيني على حسن نيتي وأن يجيرني فيما أصابني".

رد عليه صاحب البستان: "حسنا يا بني، سنقيم وليمة الزفاف يوم الخميس القادم إن شاء الله تعالى، ولا تحمل هم المهر فمهرك عندي".

المفاجأة بعد الزواج

ولما جاء يوم الخميس، سار الشاب نحو بيت عروسه بخطى ثقيلة، وبقلب حزين، وبخاطر مكسور، يختلف عن أي زوج سعيد في يوم زواجه. ولما وصل إلى المنزل، طرق الباب، ففتح له والد العروس وأدخله، بعد أن انتهوا من حديثهم وبارك الناس للزوج على زواجه، قال صاحب البستان للشاب: "تفضل يا بني عروسك تنتظرك في غرفتها، بارك الله لكما وجمع بينكما في خير ومودة وسعادة".

المعنى الحقيقي للأوصاف

فأخذه الرجل من يده إلى الغرفة وفتح الباب، فلما دخل الشاب وجد فتاة بيضاء وجميلة كالقمر! لها شعر مثل الحرير ينزل من على كتفيها! ولما قامت إليه وجدها ذات قوام ممشوقة! وقالت له: "السلام عليك يا زوجي".

ظل الشاب يسأل نفسه: "ماذا أرى أمامي؟ ولماذا قال عنها أبوها هذا الكلام؟". فهمت زوجته ما يدور بعقله، فذهبت إليه وقبلت يده، وقالت له: "أبي لا يكذب عليك! أنا عمياء لا أنظر إلى حرام، وصماء لا أسمع الحرام، بكماء لا أتكلم في الحرام، وقعيدة لا أمشي خطوة إلى الحرام".

وأنا وحيدة أبي، ومنذ سنوات يبحث لي عن زوج صالح يخاف الله فيا، فلما أكلت أنت التفاحة وجئت تستأذنه فيها وأنت تبكي من أجلها، قال أبي: "من خاف الله في أكل تفاحة لا تحل له سيخاف الله في ابنتي الوحيدة". فهنيئاً بي لك زوجةً، وهنيئاً لأبي بك نسيباً. بعد مُضي عام أنجبت هذه المرأة من ذلك الرجل الذي أكل التفاحة عالماً جليلاً، وهو أبو حنيفة النعمان صاحب المذهب الحنفي.

العبرة من قصة التفاحة وصاحب البستان

جزاء التوبة عظيم، الشاب واقف بصدمة يتأمل زوجته التي بدت وكأنها حورية من حوريات الجنة. الصدمة ما زالت تحيط بصاحبنا، فبالأمس كان الرجل الذي أكل التفاحة، ثم طلب العفو من صاحب البستان، ولكنه اشترط عليه الزواج بإبنته التي كانت صماء بكماء عمياء، واليوم يجد أمامه فتاة جميلة بها صفات حسنة.

عمرو عكاشه
عمرو عكاشه
عمرو عنتر عكاشه، كاتب ومدون مصري أحب القراءة والكتابة منذ صغري، كما أحب التدوين وقراءة القصص منذ ذلك الوقت.
تعليقات