قصة الحمامة والثعلب ومالك الحزين من كليلة ودمنة

قد يكون من السهل أن يحاول الغدارون خداع الطيبين بسبب طيبتهم الزائدة، وهذا بالضبط ما حصل في قصة الحمامة والثعلب ومالك الحزين. ثعلب مكار يخيف الحمامة بخدعة بسيطة، لا يمكنه تنفيذها حتى، ولكن هذه الخطة تنطلي عليها بسهولة. لذلك دعونا نتعرف على أحد أشهر قصص الأطفال القصيرة قبل النوم من كتاب كليلة ودمنة، أبطالها هم، الحمامة والثعلب ومالك الحزين.

قصة الحمامة والثعلب ومالك الحزين

قصة الحمامة والثعلب ومالك الحزين قبل النوم

كان يا ما كان في غابة جميلة تكسوها الأشجار المثمرة من النخيل، عاشت حمامة طيبة يحبها الجميع. قررت ذات مرة بناء عش محصن لا يمكن الوصول إليه، فعملت بنصيحة أمها واختارت أطول نخلة في الغابة وأقامت عشها هناك.

فكانت كل يوم تخرج لجمع الطعام وتعود آخر النهار تنام في عشها، وفي أحد الأيام وضعت الحمامة ثلاث بيضات، ولما حان وقت خروج الفراخ حدث ما لم يكن في الحسبان!

الثعلب الشرير يخدع الحمامة المسكينة

في أحد الأيام جاء إليها الثعلب المكار يهز ذيله، وعندما رأى الحمامة وعشها عالياً، أخذ يفكر كيف يجد حلا لتلك المشكلة، فنظر إلى الحمامة المسكينة ثم قال لها: أيتها الحمامة، أنتِ تعرفين من أكون صحيح؟ إجابة الحمامة بخوف شديد: نعم، وهل هناك من هو في مكرك ودهائك؟ فقال لها الثعلب: ألقي إليّ فراخك الصغيرة وإلا صعدت وأكلتك معهم.

أخذت الحمامة تبكي وتتودد إلى الثعلب، الذي أقسم لها بأنه سيصعد إليها ويأكلها مع فراخها. خافت الحمامة من الثعلب وألقت فراخها إليه، ثم أكلهم الثعلب وانصرف مستهزئًا بالحمامة وهو يقول: شكرا لك أيتها الحمامة الغبية، لقد أعطيتني وجبة سهلة.

حزنت الحمامة كثيرا على فراق فراخها الذين أكلهم الثعلب، فقررت أن تضع غيرهم، وبعد مرور أيام كان الثعلب يراقب العش طوال الوقت، وعندما عرف أن الفراخ قد فقست، ذهب إلى الحمامة وقال لها: أيتها الحمامة ألقي إلي بفراخك وإلا صعدت وجعلت منكم جميعا وجبة دسمة لي! كالعادة، خافت الحمامة وقالت للثعلب: أرجوك، لقد أعطيتك فراخي في المرة الأولى، فلماذا تريدهم في المرة الثانية؟

قال الثعلب المكار: أظنك قد سمعتِ ما قلت لك من البداية، ألقي الفراخ أو أصعد إلى النخلة وآكلك أنتِ أيضا.

مالك الحزين يساعد الحمامة في التخلص من الثعلب المكار

وهكذا، استمر الثعلب على حاله مرات عديدة، يعرف ميعاد فقس البيض، ثم يأتي يأكل الفراخ ويرحل. وفي آخر مرة، جلست الحمامة تبكى بحرقة على فراق صغارها ومن سبقهم. عن طريق الصدفة، مر مالك الحزين الذي كان معروفا بحكمته وذكائه بين الطيور، فسأل الحمامة: ما الذي يبكيك يا صديقتي الطيبة؟

قالت الحمامة: أنا خائفة على فراخي هؤلاء من الثعلب المكار.

قال مالك الحزين: ممّ تخافين؟

قالت له: ذلك الثعلب المكار يأتي ويأكل فراخي كلما عرف أنها قد فقست.

رد عليها مالك الحزين: وكيف يفعل ذلك؟

قالت الحمامة: إنه يقول لى ألقي صغارك إليه وإلا صعدت إليك وأكلتك معهم!

مالك الحزين: وهل تصدقينه!

الحمامة: نعم، إنه خبيث ومكار للغاية وأنا أخاف منه!

قال مالك الحزين: في المرة القادمة، قولي له أصعد إلى النخلة، فإن تمكن اهربي واتركي له الفراخ، وإن لم يفعل فأنت وفراخك بأمان.

الحمامة تتخلص من الثعلب المكار.

عندما تأكد الثعلب من أن فراخ الحمامة قد فقست، ذهب إليها وهو يغني، وعندما وصل قال لها: "أيتها الحمامة أظنك قد حفظتي ما أريد، فألقي إلى بفراخك وإلا صعدت وأكلتك معهم".

قالت الحمامة: "نعم بالتأكيد لقد حفظت هذه الكلمات وأنتظر منك أن تطبقها على أرض الواقع، فأصعد إلى هنا إن استطعت!".

غضب الثعلب وحاول تسلق النخلة، وفي كل مرة كان يسقط من ارتفاع منخفض، فقال للحمامة: "من علمك تلك الكلمات أيتها الحمامة؟"

قالت الحمامة: إنه صديقي مالك الحزين. ذهب الثعلب وهو يتمتم في نفسه،  ويقسم على الانتقام من مالك الحزين.

الثعلب يحاول خداع مالك الحزين

ظل الثعلب يبحث ويسأل عن مالك الحزين، حتى استدل على مكانه، فرأه واقفا على ضفة النهر مثل عادته. ذهب الثعلب إلى مالك الحزين بوجهه العابس، فقال له: أيها الطائر الحزين إني أعجب لأمرك! لديك ساقان طويلتين، وأجنحة كبيرة، ومنقارا طويل، فكيف ستحمي نفسك إن هبت عليك عاصفة!

قال مالك الحزين للثعلب: سأقوم بإخفاء رأسي ومنقاري بين جناحي الكبيرين.

رد عليه الثعلب: وكيف تفعل ذلك يا صديقي، لأطمئن عليك؟

عرف مالك الحزين أن الثعلب يحاول خداعه، فقال له: من فضلك أعطني ظهرك فقط حتى أستعد لذلك الأمر.

قال الثعلب: حسناً، خذ وقتك! وعندما استدار الثعلب المكار طار مالك الحزين إلى أعلى الشجرة، وقال للثعلب: أيها الماكر اللئيم، هل تحسبني مثل الحمامة الطيبة التي كنت تأكل صغارها؟ لقد عرفت خططك الشريرة وكشفتها، والآن تريد أكلي.

عاد الثعلب إلى بيته يحمل على عاتقه حملاً كبيراً من الخيبة والخسران، فلقد خسر فراخ الحمامة الطيبة، وخاب في خداع مالك الحزين.

العبرة من قصة الحمامة والثعلب ومالك الحزين.

لا يجب علينا الاستسلام عند أول كلمة نسمعها من أي شخص مهما كان، فلا يجب علينا أن نسلم للغدارين والأشرار أغلى ما نملك، بسبب أنهم يبيعون لنا الأوهام. وخير دليل على ذلك، صديقتنا الحمامة الطيبة جدا، والتي عرف الثعلب نقطة ضعفها بالرغم من معرفته بعجزه عن صعود الشجرة، ولكنه كان يحصل على وجبة سهلة.

عمرو عكاشه
عمرو عكاشه
تعليقات