قصة الخباز والإمام أحمد بن حنبل: بركة الدعاء والاستغفار

كان فيما مضى، يتنقل العلماء بين البلدان لتعليم الناس، واكتشاف مزيد من العلم، فكانت الناس لا تعرف وجوههم ولكن تسمع عن أسمائهم وعلمهم. ولك في قصة الإمام أحمد بن حنبل مع الخباز رؤية دقيقة لمنزلة العلماء. تعالوا نتعرف على هذه القصة الدينية الجميلة.

قصة الإمام أحمد بن حنبل والخباز

قصة الإمام أحمد بن حنبل مع الخباز

ذكر ابن الجوزي في كتابه مناقب الإمام أحمد، أن أحمد ابن حنبل رحمه الله سافر مرةً إلى بلد من البلدان. العلماء في السابق، كانوا معروفين عند الناس بأسمائهم وكتبهم، ولم يكونوا معروفين بأشكالهم. في زماننا اليوم يمكن الاستماع إلى الإذاعة لبعض العلماء، ولكن ربما يصلون معكم ولا تعرفونهم.

وفي زمان من قبلنا لم يكن لديهم إنترنت ولا جرائد ولا صحف ولا فضائيات، ومن ثم لا يعرف الناس العلماء إذا رأوهم. فالإمام أحمد شهرته طبقت الدنيا وانتشر ذكره اسمه بين البلدان الإسلامية، وبالرغم من ذلك قد يراه الناس في الشارع إذا خرج من بغداد ولا يعرفونه، ولا يدرون أن هذا هو أحمد بن حنبل.

وصل الإمام أحمد بن حنبل إلى المسجد وقت العشاء ووضع رأسه لينام في المسجد، فأقبل إليه الحارس ثم قال له: قم اخرج من المسجد، فهذا ليس مكانا للنوم.

قال له الإمام: يا أخي، أنا عابر سبيل، وكبير في السن.

قال له الحارس: يجب عليك الخروج من المسجد.

بعدما رأى ابن حنبل عناد الحارس، قام وخرج وجلس على عتبة الباب، فأقبل إليه الحارس ليقفل الباب ورأى الإمام أحمد على عتبة المسجد. فقال له: قم واذهب من هنا.

قال له: يا أخي، أنا في الشارع.

قال: ممنوع عليك حتى الجلوس على العتبة، قم واذهب من هنا.

أمسك الحارس الغليظ بقدمي الإمام أحمد بن حنبل وجره إلى منتصف الطريق، لم يحترم سنة ولا أنه عابر سبيل. دُهش الإمام من فعلت ذلك الحارس، فالرجل هذا عالم جليل يقبل الناس رأسه ويحترمونه وله كلمة مسموعة، ولكنه فوض أمره لله تعالى وصبر. أمام ذلك المسجد كان هناك خباز، ولما رأى أحمد بن حنبل رحمه الله، قال له: يا شيخ، تعال نم عندي في المخبز حتى صلاة الفجر.

قام أحمد بن حنبل وأقبل إلى ذلك الخباز ووضع حقيبته وتوسدها لينام، ولاحظ الإمام أحمد أن هذا الخباز وهو يعجن الخبز ويضعه في التنور يقول: سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم سبحان الله وبحمده أستغفر الله أستغفر، ولا يتوقف لسانه عن التسبيح والتهليل.

عادةً الإنسان ربما يسبح ويهلل عشر دقائق أو ربع ساعة ويتعب ويتوقف، لكن هذا الرجل لم يتوقف أبدًا.

قال له أحمد بن حنبل: منذ متى وأنت على هذا الحال؟

قال: أي حال؟

قال: الإكثار من الذكر، قال الرجل: أنا منذ سنين على هذا الحال أسبح وأهلل طوال وقتي.

فقال له الإمام: ألا تتعب؟ فقال ذلك الخباز: لا أتعب، تعودت التسبيح بفضل الله تعالى.

فقال له: وهل وجدت من بركة كثيرة من ذكرك لله؟

قال الخباز: من بركة هذا الذكر أني ما دعوت الله بشيء إلا أعطاني إياه.

قال: سبحان الله! ما دعوة الله بشيء إلا أعطاك إياه؟

قال: والله ما دعوت الله بشيء إلا أعطاني إياه، إلا شيئًا واحدًا ما زلت أنتظره.

فقال له أحمد بن حنبل: وما هو؟

فقال الخباز: أن أرى أحمد بن حنبل. فقال له الإمام أحمد بن حنبل! ها هو الله قد جاءك بأحمد بن حنبل يُجر من رجله إلى مخبزك. فأقبل الخباز على الإمام أحمد وبجله وأكرمه. وهذه كانت قصة الإمام أحمد بن حنبل مع الاستغفار.

عمرو عكاشه
عمرو عكاشه
تعليقات