قصة سلام الترجمان الحقيقية: الرحلة الغامضة لاكتشاف سد يأجوج ومأجوج

قصة سلام الترجمان واحدة من القصص الشائكة في التاريخ الإسلامي، توجد قصة سلام الترجمان في كتاب المسالك والممالك للمؤلف ابن خرداذبة، حيث نقلت كتب تاريخيةٌ نبأ وصول رحلة سلام الترجمان إلي مكان يُحبس خلفه شرا لا يدان لأحدٍ بقتالهما.

في هذا المقال سنتعرف علي صحة رحلة سلام الترجمان الي سد يأجوج ومأجوج، وكيف تمكن من الوصول إلي السد الحقيقي، والذي يحبث شر ياجوج وماجوج، ما رأه في رحلته المثيرة والمرعبة للبحث عن أخطر مكان في العالم. دعونا نغوص في أعماق التاريخ للتعرف على هذه القصة الغامضة!

رحلة سلام الترجمان

قصة سلام الترجمان

في فترة حكم الخلافة العباسية، رأى الخليفُة العباسى الواثق بالله فى منامه أن سد يأجوج ومأجوج قد إنفتح، وأنهم قد خرجوا على الناس، فقام من منامه فزعا مهموما.

ففكر في إرسال بعثة (رحلة) لإستكشاف الأمر، فنصحه من معه من وزراءه بتوجيه الرحلة تحت قيادة سلام الترجمان "صاحب الثلاثين لسان" من أجل سرعة البحث عن السد. فهوا صاحب ال ٣٠ لسان اى ٣٠ لغة. وافق الخليفة على إرسال الترجمان وقيادته للبعثه.

رحلة البحث عن سد يأجوج ومأجوج

بعد تجهيز الرحلة بكل ما تحتاجه، إنطلق سلام الترجمان من مسقط رأسه مدينة سمراء التي كانت معروفة بإسم "سر كن رأي". تكونت البعثة من خمسين رجل قوي، ومئتين بغل عليهم زاد يكفي كل شخص لمدة سنة.

إثناء سير رحلة الترجمان ارسل الخليفة الواثق بالله بكتابٍ لحاكم أرمينيا، والذى بدوره أرسل كتابٍ لحاكم السرير، الذى ارسل كتابً لملك اللان يطلب منه إكرام البعثة، ثمأن ملك اللآن كتب إلى فيلان شاه، الذى كتب إلى ملك الخزر.

أقامة الرحلة فى الخزر يومًا وليله، لكن حصل هناك أمر عجيب، لم يُذكر فى رواية القصة لكنه ذُكر فى كتاب (عجائب المخلوقات).

رحلة الترجمان، فى كتاب عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات

ذكر الكتاب انه أثناء إقامة رحلة الترجمان فى الخزر، راءهم يصتادون سمكةً عظيمة، فأخرجوا من أذن السمكة جارية جميلة جداً. أخرجوها وهى تضرب وجهها وتنتف شعرها وتصرخ وتصيح، وقد خلق الله من حول خصرها إلى ركبتيها ثوب كالثوب الصفيق فأمسكوها حتى ماتت.

تابعة الرحلة مثيرتها لإكتشاف سد يأجوج ومأجوج وقد إنضم إليهم خمسة أدلاء جدد، فأكملوا المسيرة لستة وعشرين يوماً، حتى وصلوا إلى أرض سوداء بيضاء نتنة الرائحة.

غطى الترجمان ومن معه من الرحالة أُنوفهم بالخل، لتفادي الرائحة، فمشوا فيها عشرة ايام متواصلة حتى وصلوا إلى مدن خراب فمشوا فيها عشرين يوما.

فلما سأل سلام الترجمان عن أمر هذه المدن، عرف أنها المدن التى كان ينزل إليها يأجوج ومأجوج. تابعوا الرحلة، حتى وصلوا إلى قومٍ يتكلمون العربية والفارسية، فوجدهم يقرأون القرآن، ولديهم مساجد وكتاتيب لتحفيظ القرآن الكريم.

فسألهم القوم عن أرضهم، قالوا؛ نحن من مدينةٍ يقال لها (سر من رأى)، فى العراق. أخبرهم سلام الترجمان أنهم رُسلٌ أمير المؤمنين، فسئله القوم إن كان شاباً أو شيخاً. فقال الترجمان؛ إنه شاب، ولكن القوم لم يكونوا يعلمون شيئا عن الخليفة ولا سر من رأى ''سمراء''، ولا العراق.

وصول الترجمان إلى سد يأجوج ومأجوج

تابعة الرحلة المسيرة حتى وصلوا إلى مدينة ايكة ذات الحصون العاليةِ، والمزارع الغنية، التى كان ينزلها ذى القرنين بعسكره. بين المدينةِ وسد يأجوج ومأجوج مسيرة ثلاثة ايام متواصلة، حتى وصلت البعثة للمكان المنشود ليجدوا جبلا مستديرا.

قال الترجمان: أنهم ساروا إلى جبل شاهق الإرتفاع فوقه حصن، وسد (يأجوج ومأجوج) الذى بناه ذى القرنين هوا فج بين جبلين. كانْ القوم الظالمين يخرجوا منه لنهب القوم وتدمير ممتلكاتهم. بلغ عرض السد مئتين ذراع، فلما وصلوا إلى سد يأجوج ومأجوج رأى الترجمان العجب.

حقيقة رحلة سلام الترجمان

مواصفات سد يأجوج ومأجوج

بعد فحص السد، علِم الترجمان أن ذى القرنين حفر اساس سد يأجوج ومأجوج تحت الارض بعمق ثلاثين ذراع إلى الاسفل. وبناه بالحديد والنحاس حتى ساقه فوق الأرض، ثم رفعه على عضاضتين عرض كل واحده منهما خمسة وعشرون ذراع في سُمْكِ خمسين ذراعاً، وكله بناء من لبن من حديد مغيب فى نحاس.

دُرّنت حديد طرفيه على العضاضتين طوله مئة وعشرون ذراع، وفوق الدروانت بناء من الحديد والنحاس إلى أعلى الجبل.

يقفل هذا الردم باب ضخم جدًا ذوى مصرعين حديديين، وعلى الباب قفل بطول سبعة أذرع، وفوق القفل ب خمسة أذرع، غلق طوله اكبر من طول القفل. وفوقهما مفتاح بطول ذراع ونصف، مُعلق بسلسله فى الباب طولها ثمانية أذرع.

ومع الباب حصنان طولهما مئتين ذراع وعرضهما مئتين ذراع، وعلى الحصن شجرتاً وبين الحصنين عين عذبة.

فرئا الترجمان الة من الآلات التى تم بناء السد بها من القدور والمغارف الحديدية، وهناك بقايا من لبن من حديد التصقوا ببعضهم من الصداء. ورءا كذلك الترجمان فى رحلتهِ العجب، حيث وجد إناس يربطون حول عنقهم مرزبه ''مطرقة ضخمة".

حرس سد يأجوج ومأجوج

سئل الترجمان عن خبرهم؟ فقالوا له: أن هؤلاء هم حرس السد، وهم يأتون في يومي الإثنين والخميس، فيضرب قائدهم ضربة فى أول النهار فيسمع ضجيجهم، فيضرب أخرى فى الظهيرة فيسمع جلبتهم، وقد إذدادت، ويأتون فى العصر فيضرب ضربة اخيرة فيسمع دبيبهم و صراخهم.

فسئلهم عن السبب! فقالوا: أن الغرض من قرع الباب، ليعلم من وراءه من قوم يأجوج ومأجوج أن خلف الباب حفظة للسد، وللتأكد من سلامة القفل.

سئل الترجمان؛ عن وجود اى شائبة فى الباب، فدلوه على شائبة مثل الخيط الدقيق" فأثارة ريبةٍ الترجمان". وسألهم أتخشون من الشق شيئا، فأجبوه بالنفى لا، فسمك الباب أحد عشر ذراع.

فما كان من الترجمان إلا أن أخرج من جيبه سكينا فحفر مقدارُ نصفِ درهمٍ داخل الشق، ووضعه فى منديل ليريه للواثق عند عودته. فنظر ''الترجمان'' إلى مصراع الباب الأيمن فوجد محفور عليه:

(قَالَ هَٰذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي ۖ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ ۖ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا).
خريطة سد يأجوج ومأجوج

هل رأي الترجمان قوم يأجوج ومأجوج

لا لم يرهم، إنما إنتاب الفضول الترجمان فسئل السكان هناك، هل رأيتم أحداٍ من يأجوج ومأجوج؟ فأجابوه بنعم رأينا عددا منهم فوق الجبل. فهبت ريح فألقتهم جانبهم أى (أسفل الجبل)، وكان طول الواحد منهم شبر ونصف الشبر.

بعد "الاطمئنان على السد''. عادت البعثة إلى سر من رأى، فمروا على خرسان ثم سمرقند. ومنها إلى نهر البلخ ومنه، إلى بخاره، ومنها إلى نيسابور حتى وصلوا إلى سامراء.

يخبر الترجمان انه فى تلك الرحلة توفى إثني عشر رجل فى رحلة الذهاب، وأربعة عشر في رحلة العودة فلم يصل منهم إلى سمراء إلا أربعة عشر رجلا وأربع وعشرين بغلة، فكان وصولهم إلى السد فى ستة عشرة شهرا وعودتهم فى إثني عشر شهرا. إلي هنا تنتهي قصة الترجمان للبحث عن سد يأجوج ومأجوج.